أمي بعين واحدة

الرجاء القارءه للعبره

أمي كانت بعين واحدة
لقد كرهتها
كانت تسبب لي الكثير من الإحراج
كانت تطبخ للطلاب و المعلمين لكي تساند العائلة
ذات يوم بينما كنت بالمدرسة المتوسطة قدمت أمي لتلقي علي التحية
لقد كنت محرجاً جداً .. كيف استطاعت أن تفعل هذا بي
لقد تجاهلتها , احتقرتها ... رمقتها بنظرات حقد ... و هربت بعيداً
باليوم التالي وجّه أحد طلاب فصلي كلامه لي ساخراً
" إيييييييي , أمك تملك عيناً واحدة "
أردت أن أدفن نفسي وقتها , و تمنيت أن تختفي أمي للأبد
فواجهتها ذلك اليوم قائلاً :
" أن كنت فقط تريدين أن تجعلي مني مهزلة , فلم لا تموتين ؟ "
بقيت أمي صامتة و لم تتفوه بكلمة واحدة
لم أفكر للحظة فيما قلته , لأني كنت سأنفجر من الغضب
كنت غافلاً عن مشاعرها
أردت الخروج من ذلك المنزل ، لذا أخذت أدرس بجد حقيقي , حتى حصلت فرصة للسفر خارج البلاد
بعد ذلك تزوجت ، و امتلكت منزلي الخاص
كان لى أطفال و كوّنت أسرتى
كنت سعيداً بحياتي الجديدة
كنت سعيداً بأطفالي , و كنت في قمة الارتياح
وفي أحد الأيام جاءت أمي لتزورني بمنزلي
هي لم تراني منذ أعوام ، و لم ترَ أحفادها و لو لمرة واحدة
عندما وقفت على باب منزلي , أطفالي أخذوا يضحكون منها
فصرخت عليها بسبب قدومها بدون موعد:
" كيف تجرأتِ و قدمتِ لمنزلي و أرعبتِ اطفالي ؟ "
" أخرجي من هنا حالاً "
جاوبت بصوت رقيق " عذراً , آسفة جداً , لربما تبعت العنوان الخطأ "
منذ ذلك الحين اختفت أمي
وفي أحد الأيام , وصلتني رسالة من المدرسة بخصوص لم الشمل بمنزلي
لذا كذبت على زوجتي و أخبرتها اني مسافر في رحلة عمل
وبعد الانتهاء من لم الشمل توجهت لكوخي العتيق حيث نشأت
كان فضولي يرشدني لذلك الكوخ
أخبرني أحد جيراني بوفاة والدتي ، لم تذرف عيناي قطرة دمع واحدة
كان لديها رسالة أرادت مني أن أعرفها قبل وفاتها :
" ابني العزيز , لم أبرح أفكر فيك طوال الوقت , أنا آسفة لقدومي لبيتك ،و إرعابي لأطفالك ,لقد كنت مسرورة عندما عرفت أنك قادم بيوم لم الشمل بالمدرسة ,لكني لم أكن قادرة على النهوض من السرير لرؤيتك ، أنا آسفة ، فقد كنت مصدر إحراج لك في فترة صباك، لكنّي سأخبرك بأمر ، عندما كنت طفلاً صغيراً تعرضت لحادث و فقدت إحدى عينيك ، لكني كأم , لم أستطع الوقوف و أشاهدك تنمو بعين واحدة فقط ، لذا أعطيتك عيني ، كنت فخورة جداً بإبني الذي كان يريني العالم , بعيني تلك ،مع حبي لك ... أمك "
،
[سبحان الله .. إن كانت هذه رحمة الأم بولدها فكيف هي رحمة الله بعباده!!]


الكاســـر